كارثة تشيرنوبل و"قدم الفيل": أخطر كتلة مشعة في التاريخ
قدم الفيل بتشيرنوبل: الكتلة المشعة التي أرعبت العالم

ما هي قدم الفيل؟
تُعرف قدم الفيل بأنها كتلة ضخمة وغريبة الشكل، تشكّلت في أعقاب انفجار مفاعل تشيرنوبل النووي عام 1986. هذه الكتلة المروعة تتكوّن من مزيج منصهر من اليورانيوم، والخرسانة، والرمل، والمعادن، وتكوّنت نتيجة درجات حرارة مهولة لا يمكن تصورها.
سُميت بهذا الاسم لأنها تتخذ شكل قدم فيل عملاقة، وتُعتبر واحدة من أخطر المواد الإشعاعية التي صنعها الإنسان على الإطلاق.
كيف تكونت قدم الفيل؟
بعد الانفجار الكارثي الذي دمّر المفاعل رقم 4 في محطة تشيرنوبيل، بدأت النواة النووية بالانصهار، وامتزجت المواد النووية مع الخرسانة والمعدن، لتتشكل كتلة منصهرة ضاغطة تشبه الحمم البركانية. هذا التفاعل النووي والانصهار العميق خلق كتلة "قدم الفيل" في الطابق السفلي أسفل قلب المفاعل.
التهديد الإشعاعي لقدم الفيل
في ذروتها، كانت قدم الفيل تُطلق إشعاعًا يبلغ 10,000 رونتغن في الساعة – جرعة قاتلة خلال دقائق معدودة. للمقارنة:
الموقع | معدل الإشعاع (في الساعة) |
---|---|
سطح القمر | 0.3 ميليسيفرت |
قدم الفيل (1986) | 100 سيفرت |
منطقة سكنية آمنة | أقل من 0.001 سيفرت |
الاقتراب منها بدون حماية كان أخطر من الوقوف مباشرة في الفضاء الخارجي دون بدلة فضاء.
حتى الكاميرات لم تصمد؛ إذ ذابت العدسات بفعل الإشعاع. لذلك، استخدم العلماء مرايا وآلات تصوير عن بعد لرؤية الكتلة المميتة.
الاختبار الذي أدى إلى الكارثة
الانفجار لم يكن نتيجة زلزال أو عطل طبيعي، بل أخطاء بشرية كارثية أثناء اختبار روتيني في مفاعل تشيرنوبيل. المشغلون تجاهلوا قواعد الأمان، وواصلوا التجربة رغم التحذيرات، مما تسبب في انفجار نووي هائل قذف المواد المشعة في السماء، مكوّنًا سحابة غطّت أوروبا.
تضحية رجال الإطفاء
لم يُبلّغ رجال الإطفاء بخطورة ما يواجهونه. اعتقدوا أن ما حدث مجرد حريق صناعي، فاندفعوا إلى المفاعل بلا بدلات واقية. خلال ساعات، بدأت تظهر عليهم أعراض التسمم الإشعاعي: حروق، نزيف، انهيار الأعضاء، وسقوط الجلد.
كانوا يتحللون وهم على قيد الحياة، دون أن يدركوا أن أجسادهم امتصت جرعات قاتلة من الإشعاع النووي.
مصير جثث الضحايا
لم يتوقف تأثير الإشعاع بعد وفاتهم. فقد أصبحت أجسادهم مصادر مشعة بحد ذاتها. لم يجرؤ الأطباء على لمسهم. فتم لفّهم بطبقات من البلاستيك والرصاص، ثم دفنهم في توابيت معدنية مغلقة داخل الأرض... لأن جثثهم أصبحت نوى مشعة تهدد من يقترب منها.
قدم الفيل اليوم
لا تزال الكتلة موجودة في مكانها داخل تشيرنوبيل، لكنها اليوم أقل إشعاعًا بكثير. ومع ذلك، تبقى قدم الفيل شاهدًا صامتًا على أسوأ كارثة نووية في التاريخ، ودليلًا على خطر تجاهل العلم والأنظمة.
❓ أسئلة شائعة
هل لا تزال قدم الفيل خطيرة؟
نعم، لكنها أقل خطرًا بكثير مما كانت عليه. يمكن للعلماء الاقتراب منها لفترات قصيرة باستخدام أدوات وقائية مشددة.
هل هناك صور حقيقية لقدم الفيل؟
نعم، لكن الصور الأولى كانت مشوشة بسبب الإشعاع. معظم الصور الحالية تم التقاطها باستخدام أدوات مخصصة ومرايا.
كم عدد ضحايا كارثة تشيرنوبيل؟
العدد الرسمي هو 31، لكن التقديرات غير الرسمية تشير إلى آلاف الوفيات بسبب السرطان والتعرض الطويل للإشعاع في العقود التالية.
قدم الفيل ليست مجرد كتلة إشعاعية، بل رمز مرعب لقوة التكنولوجيا حين تُستخدم دون وعي أو احترام للعلم. تشيرنوبيل تذكّرنا بضعف الإنسان أمام قوى الطبيعة، وبشجاعة رجال لم يعرفوا أنهم سيتحولون إلى شهداء بلا ضجيج.
للمزيد من المواضيع حول الطاقة النووية والظواهر الكارثية، تصفح مقالاتنا على Kiksee.
ما هو رد فعلك؟






